للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تحصى ولا تستقصى.

فهذه محبة للرب الرحيم الكريم، تنشأ من مطالعة المنن والإحسان، ورؤية النعم والآلاء، وكلما سافر القلب فيها، ازدادت محبته لربه وتأكدت.

ولا نهاية لها فيقف القلب عندها، بل كلما ازداد فيها نظراً ازاد فيها اعتباراً وعجزاً عن ضبط القليل منها، فيستدل بما عرفه على ما لم يعرفه.

والله تبارك وتعالى دعا عباده إليه من هذا الباب .. حتى إذا دخلوا فيه دعوا من الباب الآخر وهو باب الأسماء والصفات .. الذي إنما يدخل فيه خواص خلقه .. وهو باب المحبين حقاً .. الذي لا يدخل منه غيرهم .. ولا يشبع من معرفته أحد منهم.

فإذا انضم داعي الإحسان والإنعام، إلى داعي الكمال والجمال لم يتخلف عن محبة وطاعة من هذا شأنه إلا أردأ القلوب وأخبثها، وأشدها نقصاً، وأبعدها من كل خير.

فالله قد فطر القلوب على محبة المحسن الكامل في أسمائه وصفاته من خلقه، ومعلوم أنه لا أحد أعظم إحساناً من الله سبحانه، ولا شيء أكمل منه ولا أجمل، فكل كمال وجمال في المخلوق من آثار صنعه، وهو الذي لا يحد كماله، ولا يحاط بوصف جلاله وجماله، ولا يحصي أحد من خلقه ثناء عليه، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك.

{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨)} [آل عمران: ٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>