الله تبارك وتعالى أنعم على خلقه بنعم لا تعد ولا تحصى، فهو المنعم بجميع النعم المادية والروحية:
نعم على البدن .. ونعم على الروح .. ونعم ظاهرة .. ونعم باطنة .. نعم داخل الإنسان .. ونعم خارج الإنسان .. ونعم في حصول محبوب .. ونعم في دفع مكروه .. ونعم في الدنيا .. ونعم في الآخرة: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨)} [لنحل: ١٨].
ولله سبحانه في كل ذرة في الكون نعمة .. وله فيها حكمة .. وله فيها أمر بالإيجاد .. وأمر بالبقاء .. وأمر بالنفع والضر.
وأجل النعم وأعلاها وأشرفها وأكملها نعمة الإسلام، وهي فضل من الله، فهو المانُّ بها ابتداء بلا سبب من العبد ولا استحقاق منه.
وكل ما وصل إلى العبد من خير فهو لله، وبالله، ومن الله.
والعاقل كلما رأى هذه النعم أحدث له ذلك ذلاً وانكساراً، وكلما جدد له نعمة ازداد له ذلاً وانكساراً، وخشوعاً وخضوعاً، وخوفاً ورجاءً، ومحبة.
وإنما يحصل هذا للعبد بأمرين:
الأول: علمه بربه وكماله، وبره وغناه، وجوده وإحسانه، وفضله ورحمته، وأن الخير كله في يديه، وهو ملكه يؤتي منه من يشاء، ويمنع منه من يشاء، وله الحمد على هذا وهذا أكمل حمد وأتمه.
الثاني: علمه بنفسه، ووقوفه على حدها وقدرها، ونقصها وضعفها، وظلمها