وجهلها، وتقصيرها وتفريطها، وأنها ليست بشيء، ولا بيدها شيء، ولا تقدر على شيء.
فإذا صار هذان العلمان صبغة لها علمت حينئذ أن الأمر كله لله، وأن الحمد كله لله، والخير كله بيد الله، وأنه سبحانه المستحق للحمد والثناء والمدح دونها، وأنها هي أولى بالذم والعيب، والفقر والذل واللوم.
ومن أعجب الأشياء:
أن تعرف ربك ثم لا تحبه .. وأن تسمع داعيه ثم لا تجيبه .. وأن تعرف قدر نعمه ثم لا تشكره .. وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعامل غيره .. وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له بمعصيته .. وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته.
وأعجب من هذا:
علمك بأنك راجع إليه، حامل أوزارك بين يديك، ومعروضة أعمالك عليه .. فسبحان الله كم لعب الشيطان بعقول الناس وأفسد حياتهم؟.
ونعم الله على العباد ثلاث:
نعم حاصلة يعلم بها العبد .. ونعم حاصلة هو فيها لا يشعر بها .. ونعم منتظرة يرجوها.
فإذا أراد الله عزَّ وجلَّ إتمام نعمته على عبده عرفه نعمته الحاضرة، وأعانه على شكرها حتى لا تشرد، فإنها تقيد بالشكر، وتشرد بالمعصية.
ووفقه لعمل يستجلب به النعمة المنتظرة، وبصره لاجتناب الطرق التي تسدها وتمنع وصولها.
وعرفه النعم التي هو فيها ولا يشعر بها ليشكر ربه عليها.
والله عزَّ وجلَّ أعطى من شاء من خلقه من النعم، كالملك أو المال أو الجاه، أو الأشياء، أو القوة، لينظر من يستخدمها كما أمر الله، ومن يضحي بها من أجل الدين، ومن يستعملها في طاعة الله، وفي إعلاء كلمة الله، ومن يشكره ويحمده