للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣٣ - فقه السر]

قال الله تعالى: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٣١)} [هود: ٣١].

وقال الله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (٢٨)} [الكهف: ٢٨].

أصحاب السر هم الأخفياء والأتقياء الذين وصفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «إِنَّ اللهَ يُّحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ، الْغَنِيَّ، الْخَفِيَّ» أخرجه مسلم (١).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «رُبَّ أشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالأبْوَابِ، لَوْ أقْسَمَ عَلَى اللهِ لأبَرَّهُ» أخرجه مسلم (٢).

وهؤلاء الأخفياء ثلاث طبقات:

الأولى: طائفة علت هممهم فلم تقف دون الله، ولم تتعوض عنه بشيء سواه، ولا ترضى بغيره بدلاً منه.

ولا تبيع حظها من الله وقربه والأنس به، والفرح والسرور والابتهاج به بشيء من الحظوظ الخسيسة الفانية.

فالهمة العالية على الهمم كالطائر العالي على الطيور، وعلو همة المرء عنوان فلاحه وسعادته.

ومن علامات هؤلاء خلوص قصدهم من كل إرادة تزاحم مراد الرب تعالى، بل يصير القصد مجرداً لمراده الديني الأمري، خالصاً من الشوائب التي تعوقه عن مقصوده.


(١) أخرجه مسلم برقم (٢٩٦٥).
(٢) أخرجه مسلم برقم (٢٦٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>