للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١ - علاج مرض القلب من استيلاء النفس عليه]

قال الله تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٣)} [يوسف: ٥٣].

وقال الله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (٤١)} [النازعات: ٤٠، ٤١].

إن جميع أمراض القلوب إنما تنشأ من جانب النفس.

فالمواد الفاسدة كلها تنصب إليها، ثم تنبعث منها إلى الأعضاء، وأول ما تنال القلب.

وقد استعاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - من شرها عمومًا، ومن شر ما يتولد منها من الأعمال، ومن شر ما يترتب على ذلك من المكاره والعقوبات.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا، أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ» أخرجه البخاري في الأدب المفرد والترمذي (١).

والنفس قاطعة بين القلب وبين الوصول إلى الرب، فإنه لا يدخل عليه سبحانه ولا يوصل إليه إلا بعد إماتتها وزجرها ومخالفتها.

فإن الناس على قسمين:

قسم ظفرت به نفسه فملكته وأهلكته، وصار طوعًا لها، ينفذ أوامرها.

وقسم ظفروا بنفوسهم فقهروها، فصارت طوعًا لهم، منقادة لأوامرهم.

فالنفس تدعو إلى الطغيان، وإيثار الحياة الدنيا .. والرب يدعو عبده إلى طاعته وخوفه، ونهي النفس عن الهوى، والقلب بين الداعيين.

يميل إلى هذا الداعي مرة .. وإلى هذا مرة .. وهذا موضع المحنة والابتلاء.


(١) صحيح: أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (١٢٣٩)، وهذا لفظه، صحيح الأدب المفرد رقم (٩١٤).
واخرجه الترمذي برقم (٣٥٢٩)، صحيح سنن الترمذي رقم (٢٧٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>