للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتغشته، فيموت القلب إذا غمرته تلك الأعمال الخبيثة.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللهُ {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤)} [المطففين: ١٤]» أخرجه الترمذي وابن ماجه (١).

فالذنب بعد الذنب يغطي القلب حتى يصير كالران عليه كما قال سبحانه: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤)} [المطففين: ١٤].

فالغين ألطف شيء وأرقه .. والران أن يسود القلب من الذنوب .. والطبع أن يطبع على القلب، وهو أشد من الران .. والأقفال أشد من الطبع .. وهي أن يقفل على القلب فلا يصل إليه شيء كما قال سبحانه: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤)} [محمد: ٢٤].

وجميع أمراض القلوب إنما تنشأ من جانب النفس، ومن جانب الشيطان، ولكل منهما على القلب آثار وأضرار .. ولكل منهما علامات، ولكل منهما دواء.

ولا تزكو القلوب إلا بثلاثة أمور:

تزكية القلوب بالتوحيد والإيمان .. والتزكية بفعل الواجبات وترك المحرمات .. والتزكية بفعل النوافل المشروعة.

فإذا زكت القلوب ذكرت ربها في كل حين، وعبدته بكل جارحة، وأطاعته في كل أمر، وتخلقت بأحسن الأخلاق، مع الله بالإيمان وأحسن الأعمال، ومع الخلق بأحسن المعاملات والمعاشرات: {وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (١٨)} [فاطر: ١٨].


(١) حسن صحيح: أخرجه الترمذي برقم (٣٣٣٤)، وقال حسن صحيح، وهذا لفظه.
وأخرجه ابن ماجه برقم (٤٢٤٤)، صحيح سنن ابن ماجه رقم (٣٤٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>