للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٥ - فقه الذكر]

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٤٢)} [الأحزاب: ٤١، ٤٢].

وقال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨)} [الرعد: ٢٨].

ذكر الله عزَّ وجلَّ هو قوت القلوب التي متى ما فارقها صارت الأجساد لها قبوراً.

وفي كل جارحة من جوارح الإنسان عبودية مؤقتة كالصلاة والصيام والحج، والذكر عبودية القلب واللسان، وهي غير مؤقتة.

والذكر جلاء القلوب وصقالها ودواؤها، وبه يزول الوقر عن الآذان، والبكم عن الألسن، وتنقشع الظلمة عن الأبصار.

زين الله به ألسنة الذاكرين، كما زين بالنور أبصار الناظرين، فاللسان الغافل كالعين العمياء، والأذن الصماء، واليد الشلاء.

والذكر هو باب الله الأعظم المفتوح بينه وبين عباده ما لم يغلقه العبد بغفلته.

وبالذكر يصرع العبد الشيطان، وهو روح الأعمال الصالحة، فإذا خلا العمل عن الذكر كان كالجسد الذي لا روح فيه.

وقد أمر الله عزَّ وجلَّ بذكره، ونهى عن ضده من الغفلة والنسيان كما قال سبحانه: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (٢٠٥)} [الأعراف: ٢٠٥].

وقال سبحانه: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (١٩)} [الحشر: ١٩].

فالذكر هو التخلص من الغفلة والنسيان، والفرق بين الغفلة والنسيان: أن الغفلة ترك باختيار الغافل، والنسيان ترك بغير اختياره، ولهذا قال سبحانه: {وَلَا تَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>