وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (١١٠)} ... [النساء: ١١٠].
أورث الله تبارك وتعالى هذه الأمة الكتاب المهيمن على سائر الكتب، فمنهم الظالم لنفسه بالمعاصي التي هي دون الكفر .. ومنهم المقتصد الذي اقتصر على فعل الواجبات، وترك المحرمات .. ومنهم السابق بالخيرات، الذي سبق غيره في الأعمال الصالحة.
فكل هؤلاء الأصناف الثلاثة اصطفاه الله تعالى لوراثة الكتاب، وإن تفاوتت مراتبهم، وتميزت أحوالهم، فلكل منهم قسط من وراثته، حتى الظالم لنفسه، فإن معه أصل الإيمان، وعلم الإيمان، وأعمال الإيمان.
ووراثة الكتاب من أجلّ النعم وأفضلها على الإطلاق.
ومن تجرأ على المعاصي، واقتحم على الإثم، وظلم نفسه بحملها على معصية الله، ثم استغفر الله استغفاراً تاماً، يستلزم الإقرار بالذنب، والندم عليه، والإقلاع عنه، والعزم على أن لا يعود إليه، فهذا قد وعده الله الذي لا يخلف الميعاد بالمغفرة والرحمة.
فالسائرون إلى الله وإلى دار كرامته ظالمهم قطع مراحل عمره في غفلاته، وإيثار شهواته ولذاته على مراضي الرب وأوامره، مع إيمانه بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، لكن نفسه مغلوبة معه .. مأسورة مع حظه وهواه، وهو يعلم سوء حاله، ويعترف بتفريطه، وكثرة معاصيه، ويعزم على الرجوع إلى الله، كما قال آدم - صلى الله عليه وسلم - وزوجه حين ظلما أنفسهما بالأكل من الشجرة التي نهاهما