النفس مجبولة على محبة الأزواج والأولاد، وقد نصح الله عباده أن توجب لهم هذه المحبة الانقياد لمطالب الأزواج والأولاد التي فيها محذور شرعي، ورغبهم في امتثال أوامره، وتقديم مرضاته؛ لما عنده من الأجر العظيم، والمحاب الغالية، وأن يؤثروا الآخرة الباقية على الدنيا الفانية.
ورغبهم في العفو والصفح والمغفرة، وتجنب الغلظة والقسوة في معاملتهم، ففي ذلك من المصالح ما لا يمكن حصره، فمن عفا عفا الله عنه، ومن صفح صفح الله عنه، ومن غفر غفر الله له.
وإن من الأزواج والأولاد ما يكون صديقاً معيناً على الطاعة، ومنهم من يكون عدواً معيناً على المعصية.
فالأزواج والأولاد قد يكونون مشغلة وملهاة عن ذكر الله، كما أنهم قد يكونون دافعاً للتقصير في تبعات الإيمان، اتقاء للمتاعب التي تحيط بهم.
فلو قام المؤمن بواجبه فلقي ما يلقاه المجاهد في سبيل الله، والمجاهد في سبيل الله يتعرض لآلام كثيرة، كما يتعرض هو وأهله للعنت، وقد يحتمل العنت في نفسه، ولا يحتمله في زوجته وأولاده، فيبخل ويجبن ليوفر لهم الأمن والقرار، والمتاع والمال، فيكونون عدواً له؛ لأنهم صدّوه عن الخير، وعوقوه عن تحقيق غاية وجوده الإنساني العليا، كما أنهم قد يقفون له في الطريق ليمنعوه من النهوض بواجبه، اتقاء لما يصيبهم من جرائه، أو لأنهم يكونون في طريق غير طريقه، ويعجز هو عن المفاصلة بينه وبينهم والتجرد لله فيفتنوه، ونحو ذلك من