المنافقون هم أعداء الدين حقاً، فصدوا عن سبيل الله بأنفسهم، وصدوا غيرهم ممن يخفى عليه حالهم، فقد أظهروا الإيمان، وأبطنوا الكفر، وأقسموا على ذلك، وأوهموا صدقهم: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢)} ... [المنافقون: ٢].
وهؤلاء المنافقون إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم من روائها ونضارتها، ومن حسن منطقهم تستلذ لسماعه، فأجسامهم وأقوالهم معجبة، ولكن ليس وراء ذلك من الأخلاق الفاضلة، والهدى الصالح شيء، بل هم كأنهم خشب مسندة لا منفعة فيها، ولا ينال منها إلا الضرر المحض كما قال سبحانه: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٤)} ... [المنافقون: ٤].
فلجبنهم وخوفهم وضعف قلوبهم وريبهم يخافون من أي صيحة؟.
فهؤلاء هم العدو في الحقيقة؛ لأن العدو البارز أهون من العدو الذي لا يشعر به الإنسان، وهو مخادع ماكر، يزعم أنه ولي فيأخذ الأسرار وهو العدو المبين.
وما أعظم فساد المنافقين، فإنهم يكفرون بآيات الله، ويصدون عن سبيل الله، ويخادعون الله وأولياءه، ويوالون المحاربين لله ورسوله، ويفسدون في الأرض، ويزعمون أنهم مصلحون: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (١٢)} [البقرة: ١٢].