للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣٨ - فقه الخشية]

قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨].

وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١٢)} [الملك: ١٢].

مقام الخشية لله تبارك وتعالى جامع لمقام المعرفة بالله، والمعرفة بحق عبوديته، فمتى عرف العبد ربه، وعرف حقه، اشتدت خشيته له كما قال سبحانه: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨].

فالعلماء بالله وبأمره هم أهل خشيته كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وَاللهِ! إِنِّي لأرْجُو أنْ أكُونَ أخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأعْلَمَكُمْ بِمَا أتَّقِي» أخرجه مسلم (١).

والعالم حقاً كل من خشي الله فأطاعه بفعل أوامره وترك نواهيه كما قال سبحانه: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (٩)} [الزمر: ٩].

ومن علامات معرفة الله الهيبة، فكلما ازداد العبد معرفة بربه ازدادت هيبته له، وخشيته إياه.

ومن عرف الله صفا له العيش، وطابت له الحياة، وهابه كل شي، وذهب عنه خوف كل مخلوق، وأنس بالله، واستوحش من غيره، وأورثته تلك المعرفة الحياء من الله، والتعظيم له، والإجلال والمراقبة، والمحبة والتوكل عليه، والإنابة إليه، والرضا به، والتسليم لأمره.

والله تبارك وتعالى لا يخشاه إلا العلماء، ولا يكون عالماً إلا من يخشاه، وما من عالم رباني إلا وهو يخشاه.

والعلم والخشية متلازمان، فإذا انتفى العلم انتفت الخشية، وإذا انتفت الخشية


(١) أخرجه مسلم برقم (١١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>