قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٣)} [آل عمران: ٣٣].
وقال الله تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٧٥)} [الحج: ٧٥].
وقال الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٨)} [القصص: ٦٨].
الله تبارك وتعالى خلق الخلق، وجعل لكل منهم كمالاً يختص به هو غاية شرفه، فإذا عدم كماله انتقل إلى الرتبة التي دونه، فإن عدم ذلك انتقل إلى ما دونه وهكذا.
حتى إذا عدم كل فضيلة صار كالشوك والحطب الذي لا يصلح إلا للوقود.
كالفرس إذا كمل أعد لمركب الملوك، وأكرم إكرام مثله.
فإن نقص قليلاً أعد لمن دون الملك، فإن نزل أعد لآحاد الأجناد، فإن تقاصر استعمل استعمال الحمار إما حول المدار، وإما لنقل الزبل، فإذا عدم ذلك استعمل استعمال الأغنام للذبح والإعدام، وهكذا الآدمي:
خلقه الله عزَّ وجلَّ ضعيفا ًجهولاً.
فإذا كمل وبلغ كماله ذروته صار صالحاً لاصطفاء الله له، فاتخذه رسولاً ونبياً فـ:{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}[الأنعام: ١٢٤].
فإن كان جوهره قاصراً عن هذه الدرجة صالحاً لخلافة النبوة رشحه لذلك وبلغه إياه، فإن كان قاصراً عن ذلك قابلاً لدرجة الولاية رشح لها، وإن كان ممن يصلح للعبادة والعمل دون المعرفة والعلم جعل من أهله، حتى ينتهي إلى درجة عموم المؤمنين.
فإن نقص عن هذه الدرجة ولم تكن نفسه قابلة لشيء من الخير أصلاً استعمل