وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٧)} [الأنفال: ٢٧].
إن السموات والأرض والجبال، من المخلوقات العظيمة التي يبدو الإنسان أمامها شيئاً صغيراً ضئيلاً، هذه الخلائق تعرف بارئها بلا محاولة، وتهتدي إلى من يحكمها ويدبرها، وتطيع أمر الخالق طاعة مباشرة بلا تدبر ولا واسطة.
وتجري في تنفيذ أوامر خالقها دائبة منقادة.
فهذه الشمس تدور في فلكها، وترسل أشعتها، وتجري لمستقر لها، وتؤدي وظيفتها التي قدر الله لها بلا إرادة منها.
وهذا القمر، وهذه النجوم والكواكب، وهذه الرياح والسحب، وهذا الهواء، كلها تمضي لشأنها بإذن ربها، وتعرف بارئها، وتخضع لمشيئته بلا جهد منها، ولا كد ولا محاولة.
وهذه السماء المرفوعة بما فيها من العجائب والمخلوقات الهائلة.
وهذه الأرض بما فيها من الآيات والعبر، تخرج زرعها، وتقوت أبناءها، وتواري موتاها، وتفجر ينابيعها، وفق سنة الله بلا إرادة منها.
وهذا الماء الجاري .. وهذه النباتات المختلفة .. وهذه الأشجار المثمرة .. وهذه الجبال العالية .. وهذه البحار الواسعة .. وهذه السهول .. وهذه الوهاد .. وهذه البطاح .. كلها تؤدي دورها .. وتقوم بوظيفتها طائعة منقادة بإذن بارئها .. خاشعة لربها .. تنفذ أمره بلا إرادة منها.
هذه المخلوقات العظيمة في العالم العلوي، وفي العالم السفلي، كلها أشفقت من أمانة التبعة، أمانة الإرادة، أمانة المعرفة الذاتية، أمانة المحاولة الخاصة.