وقال الله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢)} [الزمر: ٦٢].
الله تبارك وتعالى خالق كل شيء، وما نصبه من الأسباب في خلقه وأمره وأحكامه، وثوابه وعقابه، فذلك مظهر أسمائه وصفاته، ومظهر حكمته ونعمه، ومظهر قدرته وعزته.
إذ ظهور هذه الأسماء والصفات تستلزم محال وتعلقات تتعلق بها، ويظهر فيها آثارها، فصفة الخلق والرزق، والرحمة والإحسان تستلزم وجود مخلوق ومرزوق، ومرحوم ومحسن إليه.
وهذا الكون العظيم كما هو محل الخلق والأمر، ومظهر الأسماء والصفات، فهو بجميع ما فيه شواهد وأدلة وآيات دعا الله عباده إلى النظر فيها، والاستدلال بها على وجود الخالق جل جلاله.
والاعتبار بما تضمنته من الحكم والمصالح والمنافع، على علمه وحكمته، ورحمته وإحسانه.
والاعتبار بما تضمنته من العقوبات، على عدله، وأنه يغضب ويسخط، ويكره ويمقت من عصاه.
والاعتبار بما تضمنته من المثوبات والإكرام، على أنه يحب ويرضى ويفرح بأهل طاعته.
وذلك موجب كماله، وكمال أسمائه وصفاته، وبها عرف الخلق ربهم وإلههم، وعظمة أسمائه وصفاته.
والأسباب والوسائط لم يخلقها الله سبحانه عن حاجة منه إليها، ولا يتوقف كماله المقدس عليها، فلم يتكثر بها من قلة، ولم يتعزز بها من ذلة، ولم يتقوَّ بها