الله تبارك وتعالى هو الملك، والملك الحق هو الذي يملك الكون كله خلقاً وتدبيراً، فهو الذي يخلق ويرزق، ويعطي ويمنع، ويأمر وينهى، ويثيب ويعاقب، ويكرم ويهين، ويعز ويذل.
أنزل سبحانه الثقلين الإنس والجن إلى دار تجري عليهم فيها هذه الأحكام، وأٌنزلوا كذلك إلى دار يكون إيمانهم فيها تاماً، فإن الإيمان قول وعمل، وجهاد وصبر، وبذل وترك.
وهذا كله إنما يكون في دار الامتحان لا في دار النعيم.
والله سبحانه قضى بحكمته أن يجعل في الأرض خليفة، وأعلم بذلك ملائكته، وله في ذلك حكم وغايات حميدة.
فلم يكن بدٌّ من إخراجه من الجنة إلى دار قَدَّر سكناهم فيها قبل أن يخلقه، وكان ذلك التقدير والخروج بأسباب وحكم.
فمن أسبابه النهي عن الأكل من تلك الشجرة، وتخليته بينه وبين عدوه حتى وسوس إليه بالأكل، وتخليته بينه وبين نفسه حتى وقع في المعصية.
وكانت تلك الأسباب موصلة إلى غايات محمودة مطلوبة ترتبت على خروجه من الجنة.
ثم ترتب على خروجه أسباب أخر جعلت غايات لحكم أخر، ومن تلك