حاجة العباد إلى الله أعظم من حاجة الجسد للطعام والشراب، ذلك أن الإيمان بالله وعبادته ومحبته هو غذاء الإنسان وقوته، وصلاحه وقوامه.
فليست عبادة الله تكليفاً ومشقة لأجل الابتلاء فقط، أو لأجل التعويض بالأجرة، فليس ذلك المقصد الأول بالأوامر الشرعية، وإنما يقع ذلك إن وجد ضمناً، وإنما المقصود الأول بالعبادات إرادة وجه الله عزَّ وجلَّ، والتوجه إليه، والإنابة إليه وحده؛ لأنه الإله الحق الذي تطمئن إليه القلوب وحده.
فأوامر الله عزَّ وجلَّ فيها قرة العيون، وسرور القلوب، ولذة الأرواح، وكمال النعيم.
فكل حي وكل مخلوق وكل موجود سوى الله فهو فقير محتاج إلى الله في جلب ما ينفعه، ودفع ما يضره، فيجب أن يكون الله مقصوده، فيعبده محبة وإنابة، وإجلالاً وإكراماً.
والله خلق الخلق لعبادته الجامعة لمعرفته ومحبته والإنابة إليه، فبذكره تطمئن قلوبهم، وبرؤيته في الآخرة تقر عيونهم.
أعطاهم في الدنيا أعظم شيء وهو معرفته والإيمان به، ويعطيهم في الآخرة أعظم شيء وهو النظر إليه عزَّ وجلَّ.
وليس في الكائنات كلها ما يسكن العبد إليه، ويطمئن به، ويتنعم بالتوجه إليه إلا الله وحده، ومن عبد غير الله وإن أحبه وحصل له به مودة ولذة وسرور في الدنيا