وقال الله تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٧)} [الأعلى: ١٦،١٧].
الإيثار: أن يؤثر الإنسان غيره بالشيء المحبوب مع حاجته إليه.
وعكسه الأثرة: وهي استئثاره عن أخيه بما هو محتاج إليه.
والفرق بين الإيثار والأثرة:
إن الإيثار تخصيص الغير بما تريده لنفسك، والأثرة اختصاصك به على الغير.
والإيثار له حالتان:
فهو إما أن يتعلق بالخلق .. وإما أن يتعلق بالخالق.
فإن تعلق بالخلق فكماله أن تؤثرهم على نفسك، بما لا يضيع على الإنسان وقتاً، ولا يفسد عليه حالاً، ولا يهضم له ديناً، ولا يسد عليه طريقاً، ولا يمنع له وارداً.
فإن كان في إيثارهم شيء من ذلك فإيثار نفسك عليهم أولى، فإن المؤمن حقاً من لا يؤثر بنصيبه من الله أحداً كائناً من كان.
فإن الإيثار المحمود الذي أثنى الله على أهله الإيثار بالدنيا من طعام ومال، ومسكن ومركب ونحو ذلك، لا بالوقت والدين، وما يعود بصلاح القلب كما وصف الله الأنصار بذلك ومدحهم به بقوله: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)} [الحشر: ٩].
والله عزَّ وجلَّ أمر المسلمين بالمسابقة في أعمال البر والخير، والمسارعة إليها، والمنافسة فيها، والقرعة عند التزاحم عليها، وهذا ضد الإيثار بها.