وجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، يَسْألُهُ عَنِ الإِسْلامِ، فَقال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ». فَقال: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قال:«لا، إِلا أنْ تَطَّوَّعَ». فَقال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «وَصِيَامُ رَمَضَانَ». قال: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قال:«لا، إِلا أنْ تَطَّوَّعَ». قال: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الزَّكَاةَ، قال: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قال:«لا، إِلا أنْ تَطَّوَّعَ». فَأدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ لا أزِيدُ عَلَى هَذَا وَلا أنْقُصُ، فقال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أفْلَحَ إِنْ صَدَقَ» متفق عليه (١).
المقتصد: هو من اقتصر من الزاد على ما يبلغه، ولم يشد مع ذلك أحمال التجارة الرابحة، ولم يتزود ما يضره.
فهو سالم غانم، لكن فاتته المتاجر الرابحة، وأنواع المكاسب الفاخرة.
فهذا قد أدى وظيفة تلك المرحلة، ولم يزد عليها، ولا نقص منها، فلا حصل على أرباح التجار، ولا بخس الحق الذي عليه.
فإذا استقبل مرحلة يومه استقبلها بالطهور التام، والصلاة التامة في وقتها بأركانها وواجباتها وشروطها، ثم ينصرف منها إلى مباحاته ومعيشته وتصرفاته التي أذن الله فيها مشتغلاً بها، مؤدياً واجب الرب فيها، غير متفرغ لنوافل العبادات والأوراد والأذكار والتوجه.
فإذا حضرت الفريضة الأخرى بادر إليها كذلك، فإذا أكملها انصرف إلى حاله، فهو كذلك سائر يومه، فإذا جاء الليل فكذلك إلى حين النوم، فيأخذ مضجعه إلى أن ينشق الفجر، فيصلي ويقوم إلى غذائه ووظيفته.
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٢٦٧٨) واللفظ له، ومسلم برقم (١١).