الله تبارك وتعالى أرسل رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم - رحمة للعالمين، وقد منَّ الله على رسوله بالرحمة، فألان جانبه لأصحابه، وخفض لهم جناحه، ورقق لهم قلبه، وحسَّن لهم أخلاقه، فاجتمعوا عليه، وأحبوه، وامتثلوا أمره.
فالأخلاق الحسنة من الرئيس في الدين تجذب الناس إلى دين الله، وترغبهم فيه، مع ما لصاحبه من المدح والمحبة، والثواب الخاص.
والأخلاق السيئة من الرئيس في الدين تنفر الناس عن الدين، وتبغضهم إليه، مع ما لصاحبها من الذم والعقاب الخاص.
فهذا الرسول المعصوم يقول الله له ما يقول فكيف بغيره؟.
أليس من أوجب الواجبات وأهم المهمات الاقتداء بأخلاقه الكريمة، ومعاملة الناس بما يعاملهم به - صلى الله عليه وسلم - من اللين وحسن الخلق، وتأليف القلوب امتثالاً لأمر الله، واقتداءً برسول الله، وجذباً لعباد الله إلى دين الله.
والنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم فاقوا البشرية كلها بأحسن الصفات، وأجمل الأحوال والأقوال والأعمال.
فهم أشداء على الكفار، جادون ومجتهدون في عداوتهم، ولذلك ذلوا لهم، وانكسروا أمامهم، وقهرهم المسلمون.
وهم كذلك رحماء فيما بينهم، متحابون، متراحمون، متعاطفون، كالجسد الواحد، يحب الواحد منهم لأخيه ما يحبه لنفسه.