للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٨ - حكمة إهباط آدم إلى الأرض]

قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٠)} [البقرة: ٣٠].

وقال الله تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٣٩)} [البقرة: ٣٨، ٣٩].

الله عزَّ وجلَّ خلق آدم من الأرض، وأمر الملائكة بالسجود له، وأسكنه الجنة: {وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (٣٥)} [البقرة: ٣٥].

ولكن الشيطان أغراهما بالأكل من الشجرة فأكلا منها .. وعصيا ربهما: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (٣٦)} [البقرة: ٣٦].

فأهبط الله آدم وزوجه وإبليس إلى الأرض، وجعل لهم فيها مسكناً وقراراً ومتاعاً إلى حين انقضاء آجالهم، ثم ينتقلون إلى الدار التي خلقوا لها، وخلقت لهم.

فخلق الله الثقلين: الجن والإنس، وأسكنهم في الأرض، وأرسل إليهم الرسل، وأنزل عليهم الكتب، فمن آمن بالله فله الجنة، ومن عصاه فله النار.

وقد أخرج الله آدم أبا البشر من الجنة، وأهبطه إلى الأرض لحكم عظيمة .. تعجز العقول عن معرفتها، وتعجز الألسن عن وصفها، وهذه إشارة إلى بعضها.

فقد أراد الله تبارك وتعالى أن يذيق آدم وذريته من نصب الدنيا وهمومها، وغمومها وآلامها، ما يعظم به عندهم مقدار دخولهم الجنة في الدار الآخرة، إذ لو تربوا في دار النعيم لم يعرفوا قدرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>