كلام الله تبارك وتعالى لا ينتفع به إلا من كان له قلب حي واع، وأصغى بسمعه كله نحو المتكلم، وأحضر قلبه وذهنه عند المكلِّم له وهو الشهيد، كالمبصر لا يدرك حقيقة المرئي إلا إذا كانت له قوة مبصرة، وحدق بها نحو المرئي، ولم يكن قلبه مشغولاً بغير ذلك.
والمشاهدة: قوة اليقين، ومزيد العلم، وارتفاع الحجب بين القلب وبين الرب.
فيرى العبد حقيقة أسماء الله وصفاته، وأفعاله وكماله، وجماله وجلاله، وأنه ليس كمثله شيء في كماله، وكثرة أوصافه ونعوته وأسمائه.
وكل من كان بصفات الله أعرف، ولها أثبت، كان أكمل شهوداً، وكل من كان بها أعرف، كان بالله أعلم، وله أعبد.
ولا سبيل للبشر إلى شهود الذات الإلهية في هذه الدنيا البتة، وإنما إليهم شهود المخلوقات والصفات والأفعال.
وأما ذات الرب جل جلاله فلا يراها أحد في الآخرة إلا المؤمنون كما قال سبحانه: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)} [القيامة: ٢٢،٢٣].
وأما الكفار فلا يرون الله في الآخرة كما قال سبحانه: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)} [المطففين: ١٥].
والمعاينة: هي الرؤية بالعين، ورؤية الله في هذه الدار ممتنعة.