والنبي: هو من أوحى الله إليه بشرع سابق ليُعْلِم من حوله من أصحاب ذلك الشرع ويجدده، وهم درجات كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (٥٥)} ... [الإسراء: ٥٥].
والرسول: من أوحى الله إليه بشرع وأمره بإبلاغه إلى من لا يعمله، أو يعلمه ولكنه خالفه.
فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسول.
ولم تخل أمة من رسول يبعثه الله تعالى بشريعة مستقلة إلى قومه، أو نبي يوحي إليه بشريعة مَنْ قبله ليجددها، كما قال سبحانه:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل: ٣٦].
الطبقة الرابعة: طبقة ورثة الرسل.
وهؤلاء هم خلفاء الرسل في أممهم، وهم القائمون بما بُعثوا به علماً وعملاً، ودعوة للخلق إلى الله على طريقهم ومنهاجهم.
وهذه أفضل مراتب الخلق بعد الرسل والأنبياء، وهي مرتبة الصديقية، ولهذا قرنهم الله في كتابه بالأنبياء فقال سبحانه: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (٧٠)} [النساء: ٦٩ - ٧٠].
وهؤلاء هم الربانيون، وهم الراسخون في العلم، وهم الوسائط بين الرسول وأمته، فهم خلفاؤه وأولياؤه، وهم حملة دينه إلى الناس، وهم المضمون لهم أنهم لا يزالون على الحق، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك.
وهؤلاء أفضل درجات الأمة بعد الأنبياء والمرسلين.
ولو لم يكن من فضلهم وشرفهم إلا أن كل من علم وعمل بتعليمهم وإرشادهم، أو علَّم غيره شيئاً من ذلك كان له مثل أجره على آباد الدهور.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - مبيناً فضل الدعوة إلى الله: «انْفُذْ عَلَى