للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢ - فقه الإرادة]

قال الله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (٢٨)} [الكهف: ٢٨].

وقال الله تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (٢٧) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (٢٨)} [النساء: ٢٧، ٢٨].

الإرادة: هي مركب العبودية، وأساس بنائها الذي لا تقوم إلا عليه، فلا عبودية لمن لا إرادة له.

وأكمل الخلق - صلى الله عليه وسلم - أكملهم عبودية ومحبة، وأصحهم حالاً، وأقومهم معرفة، وأتمهم إرادة.

وحقيقة الإرادة: أن يبقى مراد العبد مراد محبوبه، فلو لم يكن مريداً لمراد محبوبه لم يكن موافقاً له في الإرادة، وحظه مراد المحبوب منه، لا مراده هو من المحبوب، وبين الأمرين من الفرق كما بين السماء والأرض.

وليس للعبد حظ أشرف من أن يكون الله وحده هو إلهه ومعبوده، ومحبوبه ومراده.

وما يراد بالعبد نوعان:

أحدهما: ما يراد بالعبد من المقدور الذي يجري عليه بغير اختياره كالفقر والغنى، والصحة والمرض، والحياة والموت، ونحو ذلك فهذا لا ريب أن الكمال فناء العبد فيه عن إرادته، ووقوفه مع ما يراد به، فلا يكون له إرادة تزاحم إرادة الله منه.

فمن الناس من يحب الموت للقاء الله .. ومنهم من يحب البقاء لطاعة الله وعبادته .. وأكمل منهما من يحب ما يحب الله، ويقف مع مراد ربه به من الحياة

<<  <  ج: ص:  >  >>