للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤ - فقه الشوق]

قال الله تعالى: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٥)} [العنكبوت: ٥].

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ، فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ» أخرجه النسائي (١).

الشوق أثر من آثار معرفة الله ومحبته، وهو سفر القلب إلى المحبوب في كل حال.

والمحبة أعلى منه؛ لأن الشوق عنها يتولد، وعلى قدرها يقوى ويضعف.

وعلامة الشوق:

السير إلى الله بالعبادة والاستقامة، وفطام الجوارح عن الشهوات التي تعوق سيره.

والشوق: هو احتراق الأحشاء، ومنها يتهيج ويتولد، ويلهب القلوب، ويقطع الأكباد، سببه الفرقة والبعد.

والشوق: يراد به حركة القلب واهتياجه للقاء المحبوب، فهذا يزول باللقاء.

ولكن يعقبه شوق آخر أعظم منه تثيره حلاوة الوصل، ومشاهدة جمال المحبوب وجلاله وعظمته.

فهذا يزيد باللقاء والقرب ولا يزول، كما نرى المحب يبكي عند لقاء محبوبه من شدة شوقه إليه، ووجده به.

والشوق على ثلاث درجات:

الأولى: شوق المؤمن إلى الجنة.

ويتولد ذلك من معرفة ما في الجنة من ألوان النعيم، وسعة القصور، وأشكال الطعام والشراب، وحسن الأزواج كما قال سبحانه: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ


(١) صحيح: أخرجه النسائي برقم (١٣٠٥)، صحيح سنن النسائي رقم (١٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>