قال الله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (٩٠)} [الأنبياء: ٩٠].
وقال الله تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨)} [الشرح: ٧، ٨].
الرجاء طمع، والرغبة طلب، فهي ثمرة الرجاء.
فالعبد إذا رجا شيئاً طلبه، والرغبة من الرجاء كالهرب من الخوف، فمن رجا شيئاً طلبه ورغب فيه، وأقبل عليه، ومن خاف شيئاً حذره وهرب منه، وإذا قوي الطمع صار طلباً.
فأعظمها وأعلاها رغبة أهل الإيمان والإحسان، وهي أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، ولا مشهد للعبد في الدنيا أعلى من هذا.
ويتولد ذلك من العلم بالله وأسمائه وصفاته ودينه وشرعه، وذلك يبعث على الاجتهاد المقترن بالشهود وتحفظ العبد من وصف الكسل والفتور، الذي سببه عدم الرغبة أو قلتها.
وتمنع العبد من تتبع الرخص كرخص التأويلات الفاسدة، ورخص المذاهب الشاذة.
فهذه تتبعها لا يجوز؛ لأنه ينقص الرغبة، ويوهن الطلب، ويرجع بالمترخص إلى غثاثة الرخص.
فالراغب حقاً في الله وفيما عنده دائم الوقوف بباب مولاه، فهو كالفراش الذي إذا رأى النور ألقى نفسه فيه، ولا يبالي ما أصاب، فرغبته لا تدع من مجهوده شيئاً إلا بذله، ولا تدع لهمته وعزيمته فترة ولا خموداً، ولا تترك في قلبه مكاناً لغير مرغوبه ومحبوبه.
فهو يعبد ربه كأنه يراه، ولا يلتفت إلى ما سواه.
حافظ لحاله مع ربه بالعبودية والاستقامة والطاعة، حذراً من التفاته إلى ما