للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤ - فقه حسن الخلق]

قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} [القلم: ٤].

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أحْسَنَكُمْ أخْلاقًا» متفق عليه (١).

خلق الله عزَّ وجلَّ هذا الإنسان في أحسن تقويم، وجعله مركباً من جسد وروح، فالجسد مدرك بالبصر، والروح مدركة بالبصيرة، ولكل واحد منهما هيأه وصورة، إما جميلة أو قبيحة.

وخَلْق الإنسان: صورته الظاهرة .. وخُلُق الإنسان: صورته الباطنة.

والنفس المدركة بالبصيرة: أعظم قدراً من الجسد المدرك بالبصر، ولذلك عظم الله أمره فقال: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (٧١) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (٧٢)} [ص: ٧١ - ٧٢].

فنبه سبحانه على أن الجسد منسوب إلى الطين والروح منسوبة إليه سبحانه.

فالخلق: هيئة راسخة في النفس تصدر عنها الأفعال بيسر وسهولة، فإن كانت الأفعال جميلة سميت خلقاً حسناً .. وإن كانت الأفعال قبيحة سميت خلقاً سيئاً.

والخلق الحسن صفة الأنبياء والصديقين .. والخلق السيء صفة الشياطين والمجرمين.

والأخلاق السيئة سموم قاتلة، تهوي بصاحبها إلى القاع، وتنظم صاحبها في سلك الشياطين.

وحسن الخلق هو الاعتدال، فإذا مال عنه العبد وقع في ضده من سوء الخلق، وهذا الاعتدال تارة يحصل بكمال الفطرة منحة من الخالق عزَّ وجلَّ، وكرامة منه لمن شاء من عباده.

فكم من صبي يخلقه الله صادقاً سخياً كريماً حليماً.

وتارة يحصل حسن الخلق بالاكتساب، وذلك بحمل النفس على الأعمال


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٣٥٥٩)، واللفظ له، ومسلم برقم (٢٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>