وقال الله تعالى: {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (٢٠) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١)} [القيامة: ٢٠ - ٢١].
حب الدنيا يقتضي تعظيمها وهي حقيرة عند الله، ومن أكبر الذنوب تعظيم ما حقَّر الله، وهي سجن المؤمن، وجنة الكافر.
وقد لعنها الله وأبغضها ومقتها إلا ما كان له فيها، ومن أحب ما لعنه الله ومقته وأبغضه فقد تعرض للعنه ومقته وغضبه سبحانه.
ومن أحب الدنيا صيرها غايته، وتوسل إليها بالأعمال التي جعلها الله وسائل إليه، وإلى الدار الآخرة، فعكس الأمر، وقلب الحكمة، فانعكس قلبه، وانعكس سيره إلى وراء، وسار في الظلمات، وترك طريق الهدى والنور: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (٧٢)} [الإسراء: ٧٢].
ومحبة الدنيا تعترض بين العبد وبين فعل ما يعود عليه نفعه في الآخرة؛ لأشتغاله عنه بمحبوبه.
والناس ها هنا مراتب:
فمنهم من يشغله محبوبه من الدنيا عن الإيمان وشرائعه.
ومنهم من يشغله عن الواجبات التي تجب عليه لله ولخلقه، فلا يقوم بها ظاهراً ولا باطناً.
ومنهم من يشغله حبها عن كثير من الواجبات والسنن.
وأقل درجات حب الدنيا أنه يشغل عن سعادة العبد، وهو تفريغ القلب لحب الله، ولسانه لذكره.
ومحبة الدنيا تضر بالآخرة ولا بدّ، كما أن محبة الآخرة تضر بالدنيا، ومحبتها