للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٦ - فقه الطريق إلى الله]

قال الله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣)} [الأنعام: ١٥٣].

وقال الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (٧٠)} [النساء: ٦٩ - ٧٠].

الطريق إلى الله واحد لا تعدد فيه، وهو صراطه المستقيم الذي نصبه موصلاً من سلكه إلى مرضاته وجنته.

فالحق واحد، ومرجعه إلى واحد، وهو الله سبحانه.

وأما الباطل فلا ينحصر، بل كل ما سوى الحق باطل، وكما أنه كل طريق إلى الحق فهو حق، فكذلك كل طريق إلى الباطل فهو باطل، فالباطل متعدد، وطرقه متعددة متنوعة.

والطريق إلى الله واحدة جامعة لكل ما يحبه الله ويرضاه، وما يحبه الله ويرضيه متعدد متنوع بحسب الأزمان والأماكن والأشخاص والأحوال، وكلها طرق مرضاته، جعلها الله لرحمته وحكمته كثيرة متنوعة؛ لاختلاف استعدادات العباد وقوابلهم.

فمن رحمة الباري سبحانه أنه لما اختلفت الاستعدادات تنوعت الطرق، ليسلك كل امرئ إلى ربه طريقاً يقتضيها استعداده وقوته قبوله: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٧٨)} [الحج: ٧٨].

ومن هنا يعلم تنوع الشرائع واختلافها مع رجوعها كلها إلى دين واحد، مع وحدة المعبود ودينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>