وأعطاه العقل الذي بواسطته يستقبل العلم الذي فيه صلاحه، وصلاح معاشه ومعاده، ويسر عليه طرق ما هو محتاج إليه من العلم، فأعطاه معرفة خالقه وبارئه ومبدعه سبحانه، ويسر عليه طرق هذه المعرفة، وجمعها وشرحها وفصلها وبينها في كتابه عزَّ وجلَّ.
ويسر عليه طرق هذه المعرفة، فليس في العلوم ما هو أجلّ وأعظم وأبين وأيسر منها، لعظم حاجة الإنسان إليها في معاشه ومعاده: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٩)} [ص: ٢٩].
ثم وضع سبحانه في العقل من الإقرار بحسن شرعه ودينه، الذي هو ظله في أرضه، وعدله بين عباده، ونوره في العالم.
فيه تبيان كل شيء .. وتفصيل كل شيء .. ومعرفة الحق من الباطل .. وبيان الهدى من الضلال .. ومعرفة التوحيد من الشرك .. وبيان أسماء الله وصفاته وأفعاله .. وما يحبه وما يسخطه .. وبيان ثواب أهل الطاعة .. وعقوبة أهل المعصية .. وغير ذلك من بركاته.
فلو اجتمعت عقول العالمين كلهم، فكانوا على عقل أعقل رجل منهم، لما أمكنهم أن يقترحوا شيئًا أحسن منه، ولا أعدل ولا أنفع، ولا أصلح ولا أهدى للخليقة في معاشها ومعادها منه.