الله تبارك وتعالى هو الوارث الباقي بعد فناء الخلق، الذي يسترد أملاكهم وأموالهم بعد موتهم، وجميع الأشياء والأموال الله مالكها، وهو الذي يتصرف فيها، يورثها من يشاء، ويستخلف فيها من يريد: {إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (١٢٨)} [الأعراف: ١٢٨].
وهو سبحانه وارث الأرض ومن عليها، وهو وارث الخلق أجمعين، لأنه الباقي بعدهم، وهم الفانون كما قال سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (٤٠)} [مريم: ٤٠].
وهو سبحانه الوارث الباقي بعد فناء الخلائق، الحي الذي لا يموت، الدائم الذي لا ينقطع، الباقي الذي لا يزول، وله ميراث السموات والأرض، وإذا مات جميع الخلق، وزال عنهم ملكهم، كان الله تعالى هو الباقي الحق، المالك لكل مالك وما يملك، وعاد الملك لله الواحد القهار: {وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٨٠)} [آل عمران: ١٨٠].
وقد وعد الله عباده المتقين أن يورثهم الجنة، التي فيها من الرحمة والإحسان، والحسن والجمال ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وهي دار إقامة لا ظعن فيها.
فما أوسع تلك الجنة، وما أحلى ثمارها، وما أجمل قصورها، وما أحسن حورها، وما أعذب أنهارها، وما أطيب طعامها، وما أهنأ عيشها، وما أدوم نعيمها: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (٦٣)} [مريم: ٦٣].