[٦ - فقه التوفيق والخذلان]
قال الله تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٦٠)} [آل عمران: ١٦٠].
وقال الله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (١٢٥)} [الأنعام: ١٢٥].
وقال الله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (١٩)} [الحشر: ١٩].
النعم كلها من الله وحده .. نعم الطاعات كلها .. ونعم اللذات كلها.
وعلى كل عبد أن يرغب إلى الله، أن يلهمه ذكرها، ويوزعه شكرها، وكما أن النعم منه سبحانه، ومن مجرد فضله، فذكرها وشكرها لا ينال إلا بتوفيقه.
والذنوب من خذلانه وتخليه عن عبده، وتخليته بينه وبين نفسه، وإن لم يكشف ذلك عن عبده، فلا سبيل له إلى كشفه عن نفسه، فهو مضطر إلى التضرع والابتهال إلى ربه، ليدفع عنه أسبابها، حتى لا تصدر منه.
وإذا وقعت كذلك بحكم القدر، فهو كذلك مضطر إلى الدعاء والتضرع إلى ربه، ليدفع عنه عقوباتها.
فلا ينفك العبد عن ضرورته إلى هذه الأصول الثلاثة، ولا فلاح له إلا بها:
الشكر ... وطلب العافية .. والتوبة النصوح.
ومدار ذلك على الرغبة والرهبة، وليسا بيد العبد، بل بيد مقلب القلوب، ومصرفها كيف يشاء.
فإن وفق عبده أقبل بقلبه إليه، وملأه رغبة ورهبة، فصار من السعداء.
وإن خذله تركه ونفسه ونسيه، ولم يأخذ بقلبه إليه، فصار من الأشقياء.