إن من أعظم آيات الله الباهرة، هذا الهواء اللطيف المحبوس بين السماء والأرض، نحس بجسمه، ولا نرى شخصه.
أوجده الله عزَّ وجلَّ في كل مكان، حاراً وبارداً ودافئاً، يتنفس منه الإنسان والحيوان، والمؤمن والكافر، والمطيع والعاصي، كالماء الذي وهبه الله للإنسان والحيوان، وكالشمس التي سخرها الله للإنارة والحرارة لجميع المخلوقات.
وهذا الهواء العظيم الذي خلقه الله، إذا شاء سبحانه حركه بحركة الرحمة فجعله رخاء ورحمة، وبشرى بين يدي رحمته، ولاقحاً للسحاب والثمار كما قال سبحانه: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (٢٢)} [الحجر: ٢٢].
وإن شاء سبحانه حركه بحركة العذاب فجعله عقيماً، وأودعه عذاباً، فيجعله بقدرته صرصراً ونحساً وعاتياً، ومفسداً لما يمر عليه كما قال سبحانه عن قوم عاد: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٤) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (٢٥)} [الأحقاف: ٢٤، ٢٥].