كان الناس أمة واحدة على فطرة التوحيد التي فطر الله الناس عليها، ثم جاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، فبعث الله الرسل مبشرين ومنذرين، ليردوهم إلى فطرة التوحيد، وليحكموا بينهم بكتاب الله الذي يشتمل على الأخبار الصادقة، والأوامر العادلة كما قال سبحانه:{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ}[البقرة:: ٢١٣].
وبعد بعثة الرسل كان الناس ثلاث طوائف:
الطائفة الأولى: أهل الإيمان والصدق، الذين استقر الإيمان في قلوبهم، وظهرت آثاره على جوارحهم، وهؤلاء خير الناس كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧)} [البينة: ٧].
الطائفة الثانية: أهل الكفر والشرك، الذين استقر الكفر والشرك في قلوبهم، وظهرت آثاره على جوارحهم، فهؤلاء أخسر الخلق وأضلهم وأشرهم كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦)} [البينة: ٦].
الطائفة الثالثة: أهل النفاق، الذين يظهرون الإسلام، ويبطنون الكفر، وهؤلاء أشر الطوائف عند الله، وعذابهم من أشد العذاب يوم القيامة كما قال سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (١٤٥) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ