وقال الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (١٠٧)} [الأنعام: ١٠٧].
وقال الله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس: ٨٢].
إن جميع الخلائق، وجميع المؤمنين والكفار، وجميع المطيعين والعصاة، كلهم في قبضة الله سواء، وكلهم تحت قهره وسلطانه سواء.
وهم جميعاً لا يملكون أن يحدثوا شيئاً إلا بقدر الله، وفق مشيئته التي جرت بتلك السنن في تصريف أمر العباد.
ولكن المؤمنين في القدر المتروك لهم للاختيار، بين الخضوع القهري المفروض عليهم بسلطان الله في ذوات أنفسهم، وفي حركة خلاياهم، وفي تكوينهم العضوي، وفي لونهم وطولهم.
وبين الخضوع الاختياري الذي يلتزمونه بأنفسهم بناء على المعرفة والهدى والاختيار.
وبذلك يعيشون في سلام مع أنفسهم ذاتها، لأن الجانب القهري فيها والجانب الاختياري يتبعان ناموساً واحداً، وسلطاناً واحداً، وحاكماً واحداً.
وأما الآخرون فهم مقهورون على اتباع ناموس الله الفطري الذي يقهرهم ولا يملكون أن يخرجوا عنه.
بينما في الجانب الذي ترك لهم الاختيار فيه هم ناشزون على سلطان الله الممثل في منهجه وشرعه، أشقياء باختيارهم ما يضرهم، وما يغضب الله، ولهم أمد ثم يحاسبون على ما اختاروا يوم القيامة.
وهم بعد هذا كله في قبضة الله، لا يعجزونه في شيء، ولا يحدثون شيئاً إلا