للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٠ - فقه الشورى]

قال الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (١٥٩)} [آل عمران: ١٥٩].

وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٨)} [الشورى: ٣٨].

الشورى: هي استلهام الرأي السديد لمصلحة الدين.

والشورى جزء من الدين، وسنة من سنن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي شعار هذه الأمة، والدين يحتاج إلى الشورى، لينتشر في العالم، وتظهر سننه وآدابه في الناس.

ومهمة الشورى: تقليب أوجه الرأي، واختيار الاتجاه السليم من الآراء والاتجاهات المعروضة.

فإذا انتهى الأمر إلى هذا الحد انتهى دور الشورى، وجاء دور التنفيذ، التنفيذ في عزم وحسم، وفي توكل على الله يصل الأمر بقدر الله، ويكل أمر العواقب إليه.

فللشورى وقتها، ولا مجال بعدها للتأرجح والتردد، ومعاودة تقليب الرأي من جديد، فهذا مآله الشلل والسلبية وتوهين العزائم، والتأرجح الذي لا ينتهي: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (١٥٩)} [آل عمران: ١٥٩].

وإذا حصل الرأي المتأكد بالمشورة، فلا ينبغي أن يقع الاعتماد عليه، بل يجب أن يكون الاعتماد على إعانة الله وتسديده وعصمته في جميع الأمور.

والشورى في أمور الدين والدعوة والجهاد من العبادات المتقرب بها إلى الله، وفي الشورى من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية ما لا يمكن حصره:

فمشاورة الرسول أو الداعي للمؤمنين توجب علو شأنهم، ورفعة درجتهم، وذلك يقتضي شدة محبتهم له، وحسن انقيادهم إليه، وخلوصهم في طاعته.

<<  <  ج: ص:  >  >>