للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٥ - فقه الهمة]

قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥)} [الحجرات: ١٥].

وقال الله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (٢٣)} [الأحزاب: ٢٣].

الهمة: ما يبعث العبد للمقصود صرفاً.

فهمة العبد إذا تعلقت بالحق تعالى طلباً صادقاً فتلك هي الهمة العالية التي لا يتمالك صاحبها صبره، لغلبة سلطانه عليه، ولا يلتفت عنها إلى ما سواها.

وهمة المؤمن على ثلاث درجات:

الأولى: همة تصون القلب عن وحشة الرغبة في الفاني، وتحمله على الرغبة في الباقي، وتصفيه من كدر التواني.

فالفاني الدنيا وما فيها، وهي توحش قلوب الراغبين فيها، وقلوب الزاهدين فيها.

أما الراغبون فيها فقلوبهم وأرواحهم في وحشة من أجسامهم إذا فاتها ما خلقت له من عبادة الله والفوز بالجنة.

أما الزاهدون فيها فإنهم يرونها موحشة لهم؛ لأنها تحول بينهم وبين مطلوبهم ومحبوبهم وهو الله سبحانه.

فهذه الهمة تحمل العبد على الرغبة في الباقي لذاته، وهو الحق سبحانه والباقي بإبقائه وهي الدار الآخرة، وتخلصه من أوساخ الفتور والتواني.

الثانية: همة تورث دوام سير القلب إلى الله، ليحصل له، ويفوز به، فإنه طالب لربه تعالى طلباً تاماً بكل معنى واعتبار في عمله .. وعبادته .. ومناجاته .. وحركته .. وسكونه .. وسائر أحواله.

الثالثة: همة صاحبها لا يقف عند عوض ولا درجة، ولا يتعلق بالأحوال

<<  <  ج: ص:  >  >>