سبب الخاطر الداعي إلى الخير يسمى ملكًا، وسبب الخاطر الداعي إلى الشر يسمى شيطانًا.
واللطف الذي يتهيأ به القلب لقبول إلهام الخير يسمى توفيقًا، والذي يتهيأ به لقبول وسواس الشيطان يسمى إغواء وخذلانًا.
والملك عبارة عن خلق خلقه الله من نور، شأنه إفاضة الخير، وإفادة العلم، وكشف الحق، والوعد بالخير، وكمال الطاعة، والأمر بالمعروف، وقد خلقه الله وسخره لذلك.
والشيطان عبارة عن خلق خلقه الله من نار، وشأنه ضد عمل الملك، فعمله الوعد بالشر، والأمر بالفحشاء والمنكر، والتخويف عند الهم بالخير بالفقر، وإيقاع العداوة والبغضاء بين الناس، والأمر بالسوء، وتزيين المعاصي للعباد، وهو عدو بني آدم قاطبة: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (٦)} [فاطر: ٦].
والقلب بأصل الفطرة صالح لقبول آثار الملك .. ولقبول آثار الشيطان .. صلاحًا متساويًا.
ويترجح أحد الجانبين على الآخر باتباع الهوى، والانغماس في الشهوات، أو الإعراض عنها ومخالفتها.
فإن اتبع الإنسان مقتضى الغضب والشهوة، ظهر تسلط الشيطان بواسطة الهوى، وصار القلب عش الشيطان ومعدنه، لأن الهوى مرعى الشيطان ومرتعه.