للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالخطايا والذنوب للقلب بمنزلة الحطب الذي يمد النار ويوقدها.

ولهذا كلما كثرت الخطايا اشتدت نار القلب، وضعف عن الطاعة.

والماء يغسل الخبث، ويطفئ النار.

فإن كان باردًا أورث الجسم صلابة وقوة، فإن كان معه ثلج وبرد كان أقوى في التبريد وصلابة الجسم وشدته، فكان أذهب لأثر الخطايا.

فالنجاسة التي تزول بالماء هي ومزيلها حسيان.

وأثر الخطايا التي تزول بالتوبة والاستغفار هي ومزيلها معنويان، وصلاح القلب ونعيمه وحياته لا يتم إلا بهذا .. وهذا كما قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢)} [البقرة: ٢٢٢].

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ» متفق عليه (١).

وهذا يدل على شدة حاجة البدن والقلب إلى ما يطهرهما ويبردهما ويقويهما.

وكما أن النجو يثقل البدن ويؤذيه باحتباسه، فكذلك الذنوب تثقل القلب وتؤذيه باحتباسها فيه.

فهما مؤذيان مضران بالبدن والقلب، وخروجهما فيه راحة البدن والقلب.

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء قال: «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ» متفق عليه (٢).

فالماء والغسل لإزالة الأوساخ والأدران عن البدن، والتوبة والاستغفار لإزالة الآثام والذنوب التي تراكمت على القلب.

فالأول به جمال الظاهر، والثاني به جمال الباطن والظاهر.


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٧٤٤)، ومسلم برقم (٥٩٨).
(٢) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (١٤٢)، ومسلم برقم (٣٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>