للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤٤ - فقه الزهد]

قال الله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (٢٨)} [الكهف: ٢٨].

وقال الله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٣١)} [طه: ١٣١].

الزهد: ترك ما لا ينفع في الآخرة، وترك كل ما يشغل عن الله، وإسقاط الرغبة عن الشيء بالكلية، وسفر القلب من وطن الدنيا، وأخذه في منازل الآخرة بترك الحرام، وترك الفضول من الحلال.

وفضول الحلال إن شغلت العبد عن ربه فالزهد فيها أفضل، وإن لم تشغله عن الله، بل كان شاكراً لله فيها فحاله أفضل، والزهد فيها تجريد القلب عن التعلق بها، والطمأنينة إليها.

ومعنى الزهد هو انصراف الرغبة عن الشيء إلى ما هو خير منه، والزهد في الدنيا مقام شريف.

وحال الزهد يستدعي مرغوباً عنه، ومرغوباً فيه هو خير من المرغوب عنه، والمرغوب عنه شرطه أن يكون مرغوباً فيه بوجه من الوجوه.

فمن رغب عما ليس مطلوباً في نفسه لا يسمى زاهداً.

فتارك الحجر والتراب لا يسمى زاهداً، وإنما يسمى زاهداً من ترك الدراهم والدنانير لله.

وشرط المرغوب فيه أن يكون عنده خيراً من المرغوب عنه.

وكل من باع الدنيا بالآخرة فهو زاهد في الدنيا، وكل من باع الآخرة بالدنيا فهو زاهد في الآخرة.

فالأول رابح .. والثاني خاسر .. ولكن العادة جارية بإطلاق لفظ الزهد على من

<<  <  ج: ص:  >  >>