للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤ - حكمة موت الرسل]

قال الله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤)} [آل عمران: ١٤٤].

وقال الله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (٣٤) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (٣٥)} [الأنبياء: ٣٤،٣٥].

الله تبارك وتعالى أحكم الحاكمين، يخلق ما يشاء ويختار، يحيي ويميت، ويعز ويذل، ويكرم ويهين، ويهدي ويضل.

خلق السموات والأرض، وخلق الليل والنهار، وخلق الشمس والقمر.

وخلق الملائكة والشياطين، وخلق الإنس والجن، وخلق الطير والحيوان، وخلق الجماد والنبات.

ومن مخلوقاته عزَّ وجلَّ ما يبقى إلى أجل ثم يموت كالبشر .. ومنها ما أبقاه إلى يوم القيامة كالشيطان وذريته .. ولله في ذلك حكم منها:

أن الله عزَّ وجلَّ جعل الشيطان محنة للعباد، يخرج به الطيب من الخبيث، ووليه من عدوه، فأبقاه سبحانه ليحصل الغرض المطلوب بخلقه.

ومنها أن حكمته جل وعلا اقتضت بقاء أعدائه الكفار في الأرض إلى آخر الدهر، ولو أهلكهم البتة لتعطلت الحكم الكثيرة في إبقائهم، وكما امتحن الله به آدم - صلى الله عليه وسلم - امتحن به أولاده من بعده.

ومنها أن الشيطان لما كان لا نصيب له في الآخرة وقد سبق له طاعة وعبادة جزاه بها في الدنيا بأن أعطاه البقاء فيها إلى آخر الدهر، ولكنه استغل هذا البقاء لإفساد العباد وإضلالهم كما قال الله عنه: {قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٧٩) قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>