للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٩ - فقه الغنى]

قال الله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (١٦٤)} [آل عمران: ١٦٤].

وقال الله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٥٨)} [يونس: ٥٨].

الغنى: اسم للملك التام، فالمالك من وجه دون وجه ليس بغني، وعلى هذا لا يستحق اسم الغني بالحقيقة إلا الله وحده، وكل ما سواه فقير إليه بالذات.

ولما كان الفقر إلى الله سبحانه هو عين الغنى به، فأفقر الناس إلى الله أغناهم به، وأذلهم له أعزهم، وأضعفهم بين يديه أقواهم.

والغنى في الحقيقة لا يكون إلا بالله الغني بذاته عن كل ما سواه، وكل ما سواه فموسوم بسمة الفقر كما هو موسوم بسمة الخلق.

وكما أن كون الإنسان مخلوقاً أمر ذاتي له، فكونه فقيراً أمر ذاتي له، وغناه أمر نسبي عارض له، فإنه قد استغنى بأمر خارج عن ذاته، فهو غني به، فقير إليه.

ولا يوصف بالغنى على الإطلاق إلا من غناه من لوازم ذاته، وهو الله الغني بذاته عما سواه كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥)} [فاطر: ١٥].

وغنى البشر قسمان:

غنى عال .. وغنى سافل.

فالغنى السافل هو الغنى بالعواري المستردة من النساء والبنين، والأموال، والأنعام، والحرث والزرع، والعقار والمراكب ونحو ذلك.

وهذا أضعف الغنى، فإنه غنى بظل زائل، وعارية ترجع إلى مالكها سبحانه عن قريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>