بقدره ومشيئته: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٩)} [التكوير: ٢٩].
والله عزَّ وجلَّ أرسل الرسل، وأنزل الكتب، ومكن من أسباب الهداية بالسمع والبصر والفؤاد، وجعل الهداية بيده وحده، فالأمر كله له: {مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٩)} [الأنعام: ٣٩].
ومشيئة العباد من جملة الكائنات التي لا توجد إلا بمشيئة الله سبحانه، فما شاء كان ولا بدَّ، وما لم يشأ لم يكن البتة.
والكون كله متعلق بمشيئة الله:
الملائكة والشياطين .. والمؤمنون والكفار .. والطاعات والمعاصي .. والمتعلق بمحبته طاعتهم وإيمانهم.
فالكفار أهل مشيئته، والمؤمنون أهل محبته، ولهذا لايستقر فب النار شيء لله أبداً، وكل ما فيها فإنه به تعالى وبمشيئته.
ومشيئة الله عزَّ وجلَّ لها حالتان:
تارة تتعلق بفعله .. وتارة تتعلق بفعل العبد.
فتعلقها بفعله: أن يشء من نفسه إعانة عبده وتوفيقه وتهيئته للفعل.
فهذه المشيئة تستلزم فعل العبد ومشيئته، ولا يكفي في وقوع الفعل مشيئة الله لمشيئة عبده، دون أن يشاء فعله، فإنه سبحانه قد يشاء من عبده المشيئة وحدها.
فيشاء العبد الفعل ويريده ولا يفعله، لأنه لم يشأ سبحانه إعانته عليه وتوفيقه له لعلمه بحاله كما قال سبحانه: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (٢٧) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٩)} [التكوير: ٢٧ - ٢٩].
ومشيئة الله عز وجل محيطة بالخلائق كلها، وبالعباد جميعاً إنسهم وجنهم، وجريان الأحداث في هذه العوالم كلها بمشيئة الله وقدره.
واستدراجه لأعداء الرسل من شياطين الإنس والجن، وإمهاله لهم، ليقترفوا ما هم مقترفون: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (١١٢)} [الأنعام: ١١٢].