ولو شاء الله لقهرهم على الهدى، ولكفهم عن الضلال قهراً، أو لهداهم إلى الحق، وشرح صدورهم له.
أو لكفهم عن أذى الرسل والمؤمنين فلم يصلوا إليهم، فهم لا يعادون الرسل، ولا يقترفون ما يقترفون خروجاً عن سلطان الله ومشيئته، فهم أعجز من أن يخرجوا عن ذلك.
إنما هي مشيئة الله اقتضت أن يترك لهم الخيار، والقدرة على الهدى والضلال، وهم في قبضة الله على كل حال: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (١١١)} [الأنعام: ١١١].
وإذا تقرر أن عداء شياطين الإنس والجن للرسل وأتباعهم سنة يجري بها قدر الله، ليميل أهل الباطل وعشاق الدنيا إلى الباطل، ويتميز الصادق من الكاذب.
وأن هؤلاء الشياطين على كل ما يرتكبونه هم في قبضة الله.
وقد أكمل الله الدين، ويسره للأمة، فلم يعد هناك قول لقائل، ولا حكم لبشر: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١١٥)} [الأنعام: ١١٥].