فالأنبياء أولاد علات، دينهم واحد، وأمهاتهم شتى، فدين الأنبياء واحد، وشرائعهم متعددة.
والناس قسمان:
علية ... وسفلة.
فالعلية من عرف الله سبحانه، وعرف الطريق إليه، وسلكها قاصداً الوصول إليه، وهذا هو الكريم على ربه الذي قال عنه: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣)} [الحجرات: ١٣].
والسفلة من لم يعرف الله، ولم يعرف الطريق إليه، ولم يتعرفها، فهذا هو اللئيم الذي قال الله فيه:{وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ}[الحج: ١٨].
والناس متفاوتون في الأفكار والعقول، والقوة والأعمال:
فمن الناس من يكون سيد عمله وطريقه الذي يحب سلوكه إلى الله طريق العلم والتعليم، قد وفر عليه زمانه مبتغياً به وجه الله، فلا يزال كذلك عاكفاً عليه، حتى يصل من تلك الطريق إلى الله، ويفتح له فيها الفتح الخاص طلباً ودراسة، وتعليماً وكتابة كما قال سبحانه: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (٧٩)} [آل عمران: ٧٩].
ومن الناس من يكون سيد عمله الذكر، وقد جعله زاداً لمعاده، ورأس ماله لمآله، فمتى فتر عنه أو قصر رأى أنه قد غبن وخسر، ومن الناس من يكون سيد عمله وطريقه صلاة النوافل، فمتى قصر في ورده منها، أو مضى عليه وقت وهو غير مشغول بها، أو مستعد لها، أظلم عليه وقته، وضاق صدره.
ومن الناس من يكون سيد عمله وطريقه الإحسان والنفع المتعدي كقضاء الحاجات، وتفريج الكربات، وإغاثة اللهفات، وبذل أنواع الصدقات.
قد فتح الله له في هذا، وسلك منه طريقاً إلى ربه.
ومن الناس من يكون طريقه الصوم، فهو متى أفطر تغير عليه قلبه وساءت حاله.
ومن الناس من يكون طريقه تلاوة القرآن، وهي الغالب على أوقاته، وهي أعظم