فالذي خلق مخلوقاً هو الذي يشرع له من العبادات ما يزكي به روحه، ومن السنن والحدود ما يربي به جسده، وليس ذلك إلا لله وحده: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٠٢)} [الأنعام: ١٠٢].
وكل عمل بغير إخلاص ولا اقتداء غير مقبول، بل يضر صاحبه ولا ينفعه كالمسافر يملأ جرابه رملاً يثقله ولا ينفعه: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (١١٠)} [الكهف: ١١٠].
والمراد من العبودية لله عزَّ وجلَّ تفريغ القلب من المحبوب المزاحم الدخيل الطارئ، ليبقى القلب عل الفطرة، وهي محبة الله بلا مشارك.
فما أسعد من أشرق في قلبه نور الشريعة وضياؤها، وباشر قلبه بشاشة أحكامها، وما اشتملت عليه من المصالح في القلوب والأبدان، وتلقاها صافية من مشكاة النبوة، وأحكم العقد بينها وبين الأسماء والصفات، وتعبد بذلك لربه.