والمنافقون والمنافقات في كل زمان، وفي كل مكان، تختلف أقوالهم وأفعالهم، ولكنها ترجع إلى طبع واحد، وتنبع من معين واحد، فهم من طينة واحدة، وطبيعة واحدة: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٦٧)} [التوبة: ٦٧].
قلوبهم مشتملة على سوء الطوية .. ولؤم السريرة .. والغمز والدس .. والضعف عن المواجهة .. والجبن عند المصارحة.
أما سلوكهم فهو الأمر بالمنكر .. والنهي عن المعروف .. والبخل بالمال إلا أن يبذلوه رئاء الناس .. نسوا الله .. فلا يحسبون إلا حساب الناس وحساب المصلحة .. فنسيهم الله فلا وزن لهم، ولا اعتبار في الدنيا والآخرة، فهم فاسقون خارجون عن ملة الإسلام، فما هو جزاؤهم؟.
والصلاة على الميت المنافق، والقيام على قبره تكريم، والمؤمنون يجب أن لا يبذلوا هذا التكريم لهذه الفئة الضالة الماكرة كما قال الله سبحانه لنبيه (: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (٨٤)} [التوبة: ٨٤].
فهذا التكريم لا يستحقه من يتخلف عن الصف في ساحة الجهاد، لتبقى للتكريم قيمته، ولتظل قيمة الرجال منوطة بما يبذلون في سبيل الله، وبما يصبرون على البذل، ويثبتون على الجهد، ويخلصون أنفسهم وأموالهم لله، لا يتخلفون بهما في ساعة الشدة.
وكما لا يُقبل هؤلاء المنافقون للعودة في صفوف الجهاد، كذلك لا يستحقون أي تكريم؟ {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ (٨٣)