وعلى المؤمنين أن لا يقيموا كذلك وزناً لأموال المنافقين وأولادهم؛ لأن الإعجاب بهما نوع من التكريم المعنوي لهم، وهم لا يستحقونه لا في الظاهر ولا في الباطن، إنما هو الاحتقار والإهمال لهم ولما يملكون من أموال وبنين: {وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (٨٥)} [التوبة: ٨٥].
وقد قرر الله الأحكام النهائية بين المسلمين والمشركين .. ثم بين المسلمين وأهل الكتاب .. ثم بين المسلمين والمنافقين.
فالمنافقون فسقوا عن دين الله، والله لا يرضى عن القوم الفاسقين، إنهم رجس خبيث يلوث الأرواح، ودنس قذر يؤذي المشاعر، وهم كالجثة المنتنة وسط الأحياء تؤذي وتعدي: {فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٩٥)} [التوبة: ٩٥].
فلهذا استحقوا بكفرهم وفسقهم، وجرمهم وكيدهم الدرك الأسفل من النار كما قال سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (١٤٥)} [النساء: ١٤٥].
وليس للمنافقين عمل بين المسلمين إلا نشر الباطل، ومحاربة الحق، والتشكيك في الإسلام، وهم متحركون بباطلهم، ولا بدَّ لهم من مكان يجتمعون فيه لِيُّحْكموا خطط الدس والتشكيك في الإسلام، وتمزيق وحدة المسلمين، والكيد لهم، والإضرار بهم، والتعاون مع أعداء هذا الدين على الكيد له تحت ستار الدين: {وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (١١٩) إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (١٢٠)} [آل عمران: ١١٩ - ١٢٠].