للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صور العداوة المتفاوتة.

فالله يريد من عبده أن يكون له، والأزواج والأولاد يريدونه لهم، فالله عزَّ وجلَّ يوقظ قلوب المؤمنين، ويحذرهم من تسلسل هذه المشاعر، وضغط هذه المؤثرات.

فالأموال والأولاد فتنة كما قال سبحانه: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٥)} [التغابن: ١٥].

والفتنة هنا لها معنيان:

الأول: أن الله يفتنكم بالأموال والأولاد ويختبركم كما يفتن الصائغ الذهب بالنار ليخلصه من الشوائب.

الثاني: أن هذه الأموال والأولاد فتنة لكم توقعكم بفتنتها في المخالفة والمعصية، فاحذروا هذه الفتنة لا تجرفكم وتبعدكم عن الله.

ثم يبشر الله عباده المؤمنين بعد التحذير من فتنة الأموال والأولاد بالأجر العظيم، ويهتف للذين آمنوا بتقوى الله في حدود الطاقة والاستطاعة، وبالسمع والطاعة بقوله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦)} [التغابن: ١٦].

فالطاعة في الأمر ليس لها حدود، ومن ثم يقبل الله فيها ما يُستطاع، أما النهي فلا تجزئة فيه، فيُّحذر منه، ويُترك جملة.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ عَلَى أنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ، عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ» أخرجه مسلم (١).

إن الأموال والأولاد قد تكون نعمة يسبغها الله على عبد من عباده، حين يوفقه إلى الشكر على النعمة والإصلاح بها في الأرض، وبذلها في سبيل الله


(١) أخرجه مسلم برقم (١٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>