ومرضاته والإحسان بها إلى خلقه، فكلما أنفق احتسب وشعر أنه قدم لنفسه ذخراً .. وكلما أصيب في ماله أو بنيه احتسب .. فإذا السكينة تغمره .. والأمل في الله يُسرِّي عنه: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٤)} [البقرة: ٢٧٤].
وقد تكون الأموال والأولاد نقمة يصيب الله بها عبداً من عباده؛ لأنه يعلم من أمره الفساد والدخل، فإذا القلق على الأموال والأولاد يحول حياته جحيماً، وإذا الحرص عليها يؤرقه ويتلف أعصابه.
فإذا هو ينفق المال حين ينفقه فيما يتلفه ويعود عليه بالأذى والشر، وإذا هو يشقى كذلك بأبنائه إذا مرضوا، ويشقى بهم إذا صحُّوا، وكم من الناس يعذبون بأولادهم لسبب من الأسباب: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (٥٥)} [التوبة: ٥٥].
فعلى المسلمين أن لا يقيموا وزناً لأموال وأولاد المنافقين؛ لأن الإعجاب بها نوع من التكريم الشعوري لهم، وهم لا يستحقونه لا في الظاهر ولا في الشعور، إنما هو الاحتقار لهم ولما يملكون.
وكثرة الأموال والأولاد لا تقرب من الله زلفى، ولا تدني إليه، وإنما الذي يقرب منه زلفى الإيمان بما جاءت به الرسل، والعمل الصالح الذي هو من لوازم الإيمان كما قال سبحانه: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (٣٧)} [سبأ: ٣٧].
والكفار يستحقون النار بكفرهم، ولا تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله شيئاً كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (١٠)} [آل عمران: ١٠].
وقد ابتلى الله عزَّ وجلَّ بني آدم بالشهوات، وزين لهم حب الشهوات الدنيوية، فتعلقت بها نفوسهم، ومالت إليها قلوبهم، وانقسموا إلى قسمين:
قسم جعلوها مقصد الحياة، فصارت أفكارهم وأعمالهم لها، فشغلتهم عما