ولما كان الشر هو الآلام وأسبابها، كانت استعاذات النبي - صلى الله عليه وسلم - جميعها مدارها على هذين الأصلين، فكل ما استعاذ منه، أو أمر بالاستعاذة منه فهو إما مؤلم، وإما سبب يفضي إليه.
فكان يتعوذ في آخر الصلاة من أربع، وأمر بالاستعاذة منهن وهن: عذاب القبر، وعذاب النار، وهذان أعظم المؤلمات، وفتنة المحيا والممات، وفتنة المسيح الدجال، وهذان سبب العذاب المؤلم، فالفتنة سبب العذاب.
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ! أعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لا أحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أنْتَ كَمَا أثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» أخرجه مسلم (١).
فالسخط سبب الألم، والعقوبة هي الألم، فاستعاذ من أعظم الآلام، وأقوى أسبابها.
اللهم إنا نسالك من الخير كله عاجله وآجله، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله.